شنت كل من باكستان وإيران ضربات على أراضي كل منهما في تصعيد غير مسبوق للأعمال العدائية بين الجارتين، في وقت تصاعدت فيه التوترات بشكل حاد في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.
وتأتي الضربات في الوقت الذي يشن فيه حلفاء إيران ووكلاؤها في الشرق الأوسط – ما يسمى بمحور المقاومة – هجمات على القوات الإسرائيلية وحلفائها على خلفية الحرب في غزة.
وقال الجنرال المتقاعد بالجيش الأمريكي، ويسلي كلارك، القائد الأعلى السابق لحلف شمال الأطلسي، إن الأعمال العدائية المختلفة تعكس "سعي إيران إلى تعزيز دورها كزعيم في المنطقة".
وقال لـCNN: "إنها تسعى إلى الهيمنة الإقليمية”. وأضاف "عندما تكون الولايات المتحدة وإسرائيل هناك، وتشن إسرائيل هذه الحملة ضد حماس، فإن إيران تشعر بالحاجة إلى الرد وإثبات نفسها".
وقد علقت الدول المجاورة على ما جرى، حيث قالت الهند إنها "لا تتسامح مطلقًا تجاه الإرهاب"، وأن الهجوم كان "مسألة بين إيران وباكستان".
وحثت الصين البلدين على ممارسة ضبط النفس وتجنب تصعيد التوترات بشكل أكبر.
وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، يوم الأربعاء، إن واشنطن تعمل على منع الشرق الأوسط من الانزلاق إلى صراع واسع النطاق.
وأضاف: "لقد رأينا إيران تنتهك الحدود السيادية لثلاثة من جيرانها في اليومين الماضيين فقط"، في إشارة إلى باكستان والعراق وسوريا.
وعندما سئل عن احتمال قيام باكستان - الحليف القديم للولايات المتحدة - بالانتقام من إيران، قال ميلر: "نأمل أن تكون هذه قضية يمكن حلها سلميا".
وأصدر الجانبان بيانات بعد ضرباتهما ألمحت إلى الرغبة في عدم تصعيد الأمور.
ووصفت وزارة الخارجية الباكستانية إيران بأنها “دولة شقيقة” وشددت على ضرورة “إيجاد حلول مشتركة”.
وكرر ذلك وزير الخارجية الإيراني الذي وصف باكستان بأنها "دولة صديقة" في وقت سابق من هذا الأسبوع وقال إن ضرباتها كانت متناسبة واستهدفت المسلحين فقط.
وتشترك الدولتان في حدود مضطربة تمتد حوالي 900 كيلومتر (560 ميلاً)، مع محافظة بلوشستان الباكستانية من جهة، ومحافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية من جهة أخرى.
وتقاتل الدولتان منذ فترة طويلة المسلحين في منطقة البلوش المضطربة على طول الحدود. ولكن في حين أن البلدين يشتركان في عدو انفصالي مشترك، فمن غير المعتاد أن يهاجم أي من الجانبين المسلحين على أراضي الطرف الآخر.
والشعب البلوشي، المعروفون أيضًا بالبلوش، يعيشون في المنطقة التي تجمع باكستان وأفغانستان وإيران.
ولقد أظهروا منذ فترة طويلة نزعة استقلالية شديدة واستاءوا دائمًا من حكم كل من إسلام أباد وطهران، مع اندلاع حركات التمرد عبر المنطقة الحدودية التي يسهل اختراقها لعقود من الزمن.
والمنطقة التي يعيشون فيها غنية أيضًا بالموارد الطبيعية، لكن الانفصاليين البلوش يشكون من أن شعبهم، وهم من أفقر سكان المنطقة، لم يشهدوا سوى تدفق القليل من الثروات إلى مجتمعاتهم.
وشهدت بلوشستان، أكبر إقليم في باكستان من حيث المساحة، موجة من الهجمات المميتة في السنوات الأخيرة، أججها تمرد مستمر منذ عقود من قبل الانفصاليين الذين يطالبون بالاستقلال عن البلاد، والغاضبين مما يقولون إنه احتكار الدولة واستغلالها للمعادن في المنطقة.
وعقب مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ونظيره الباكستاني جليل عباس جيلاني، أعلنا الاتفاق "على ضرورة تعزيز التعاون على مستوى العمل والتنسيق الوثيق بشأن مكافحة الإرهاب وجوانب أخرى ذات اهتمام مشترك".
وجاء في ملخص المحادثة الذي نشرته وزارة الخارجية في إسلام آباد أنهما "اتفقا أيضا على تهدئة الوضع".
من جهته، قال أمير عبد اللهيان في بيان بعد الاتصال، إن بلاده "حريصة على سيادة باكستان وسلامة أراضيها وتعاون البلدين لتحييد وتدمير المعسكرات الإرهابية في باكستان أمر ضروري".